كلمة النائب نعيمة رباع
مجلس النواب المغربي
عضو ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة
مؤتمر “تعزيز المساواة وحقوق المرأة في قانون العقوبات”
مجلس النواب اللبناني 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015
- الفصل 475 من القانون الجنائي جزء من منظومة ثقافية واسعة تمس كرامة النساء والفتيات القاصرات. ويرجع النضال من أجل تفاد وضعية كهذه الى سنوات خلت – تداخل فيها الحكومي وغير الحكومي والمجتمع المدني .
- ترابط الكل ليفرض على ثلاثة حكومات الاشتغال على مشاريع لمناهضة العنف ضد النساء 2006-2010-2013 كلها استحضرت المرجعيات الوطنية والمواثيق الدولية ، وكانت هناك صيرورة متطورة في محاربة العنف ضد النساء وبالموازة وتحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية في نفس الإطار سيقدم مقترح قانون يقضي بتغيير الفصل 475 من القانون الجنائي، هذا المشروع الذي تتبعه الرأي العام الوطني باهتمام بالغ وكذا وسائل الإعلام الوطنية والدولية بالنظر لارتباطه الوثيق بحقوق النساء والطفلات القاصرات داخل المجتمع المغربي، في ظل دستور جديد يكفل للمواطن والمواطنة على حد سواء نفس الحقوق ونفس الواجبات ويخصص مقتضيات خاصة للأطفال والنساء، دستور يرسخ مبادئ المساواة والكرامة والعدالة الإجتماعية ، ويربط المسؤولية بالمحاسبة ويدعونا جميعا للعمل من اجل مجتمع آمن، يتمتع فيه المواطنون والمواطنات بحقوقهم كاملة ويقومون بواجباتهم ويحاسبون على ما هم مسؤولون عنه.
- لقد ارتبط هذا المقترح بقضية أمينة الفيلالي، التي ما هي إلا واحدة من كثيرات لا نعرف أسماءهن، يعانين في صمت بسبب ظلم وإجحاف بعض النصوص القانونية المتجاوزة. وهي القضية التي إلتف حولها المجتمع المغربي قاطبة وتبعأ فيها الجميع بالحوار والعمل والتظاهر وباستعمال كل الوسائل المشروعة التي كانت ترمي جميعها إلى لفت الانتباه من أجل وضع مواجهة مقتضى قانوني تمييزي صارخ ضد قاصر.
سجل الرأي العام بان التعبئة من اجل حذف الفقرة من الفصل الذي نناقشه الآن ساهمت فيه كل مكونات المجتمع المغربي السياسية منها والمكونة للمجتمع المدني والباحثين ووسائل الإعلام، ولكن لا بد من تقديم تحية خاصة الجمعيات الحقوقية خاصة منها تلك المرافعة عن حقوق النساء، التي واكبتها الإرادة الجماعية لجميع الفرق النيابية أغلبية ومعارضة لتفعيل المبادئ الدستورية المذكورة ورغبتها الجماعية من اجل الرقي بقوانيننا إلى مستوى دستورنا.
إن هذا المشروع يسائلنا عن عدة قضايا :
- يسائلنا عن قضية اجتماعية تنخر مجتمعاتنا وهي ظاهرة العنف ضد النساء والفتيات بصفة عامة ، وبصورة أدق ما تعانيه فتياتنا من العنف المركب الذي قد يطالهن من طرف الأفراد والمجتمع: عنف يتعلق بوضعيتهن الاجتماعية والتعليمية والحقوقية، من فقر وجهل وأمية ، تنضاف إليها أنواع شتى من العنف المادي المتمثل في الضرب والجرح والاحتجاز، وارتباطا بهذا الفصل ينضاف إلى كل هذا نوع من أبشع أنواع العنف وهو الاغتصاب الذي يصبح مقننا بحكم القانون عند تزويج القاصر.
- يسائلنا عن مصير القاصرات التي غرر بهن وصمتهن من اجل راحة المجتمع وقبلهن الزواج أو أرغمن عليه فكان مصيرهن الإهمال أو الطلاق بعد أيام أو أسابيع وفي بعض الأحوال اشهرا قد تضيف معاناة المتزوجة إلى معاناة الأبناء الذين قد يولدون في هذه الظروف.
- يسائلنا عن قيمة الكرامة لدينا كمكونات لهذا الوطن، قيمة نناضل ونجاهد من اجلها باعتبارها إحدى القيم التي بمساسها تفقد كل القيم الاخرى مغزاها ومعناها . من المؤسف والمؤلم في نفس الوقت ان كل الدفوعات المقدمة للحفاظ على الفقرة المذكورة تضرب عرض الحائط هذه القيمة الكونية، فاعتبر البعض الفقرة ضرورة للحفاظ على “سمعة العائلة” و”سترا للعار” وهو “فضل للمغتصب” لأنه أراد أن يصلح الخطأ بالزواج، إلى غير ذلك من العبارات المهنية والحاطة بكرامة النساء والمكرسة لدونيتهن، كما أنها تضرب ثقافة المساواة وتطبيقها في الصميم.
- يسائلنا عن مدى استيعابنا لأحد المبادئ الدستورية وهو ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، خاصة وان التغيير غالبا ما يتبعه اغتصاب فإذا كان صحيحا أن الاغتصاب ظاهرة موجودة في كل المجتمعات فان إعفاء مرتكبيه من العقاب لا يمكن أن يبرره أي سبب من الأسباب ولا يمكن ان يقبل بأية حال من الأحوال، ومرتكب أي جرم كان يجب ان يعاقب عليه حسب القوانين الجاري بها العمل.
تصويتنا بالإيجاب على هذا المقترح يؤكد ان هذا التصويت يعتبر تجسيدا لشعارنا ” جهاد الكرامة” ، ويعتبر التصويت بالإجماع على هذا المقترح تطورا إيجابا تعيشه بلادنا في مجال حماية حقوق النساء والقاصرات ومحاربة كل أشكال التمييز ضدهن، وينسجم مع مقتضيات الدستور المغربي لفاتح يوليوز 2011 ومع حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا وكذا الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.