بتاريخ 23/11/2021 نظم ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة بالتعاون مع مؤسسة وستمنستر للديمقراطية حوار الطاولة المستديرة الأولى افتراضياً بعنوان: “الفرص والتحديات التي تواجه المشاركة السياسية للمرأة في شمال إفريقيا” بحضور سيدات برلمانيات وناشطات من الاردن والجزائر والمغرب ومصر وتونس، ووزيرة الدولة للشؤون القانونية، ورئيسة ائتلاف البرلمانيات معالي السيدة وفاء بني مصطفى وادارت النقاش سعادة النائب ميادة إبراهيم شريم.
واستهلت الشريم اللقاء مبينة أن العديد من الدول العربية شهدت مؤخراً انتخابات نيابية وواجهت المرأة العربية تحديات كثيرة جعلت فرص فوزها محدودة، وأضافت أن أسباب ذلك متنوعة ومعقدة وسيتم استكشافها خلال هذه المناقشة المفتوحة التي ستنتهي بتقديم التوصيات ليتم لاحقاً وضع ورقة موقف من قبل أحد الخبراء لتقدم للاتحاد البرلماني العربي لتعمم على كافة البرلمانات العربية.
وفي كلمتها بينت معالي السيدة بني مصطفى أن نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في عامي 2020 و2021 في عدد من الدول العربية شهدت اتجاهاً نحو تراجع تمثيل المرأة في البرلمانات الوطنية. وأضافت أنه حتى في البلدان التي لديها حصص للمرأة (الكوتا) مثل الأردن والجزائر، انخفض عدد السيدات النواب المنتخبات فيها. وأشارت إلى أنه برغم من زيادة عدد النساء في بلدان مثل العراق والمغرب ومصر، إلا أن المرشحات واجهن تحديات كثيرة.
وبينت أن النساء، وللمرة الأولى، أصبحن يمثلن أكثر من ربع البرلمانيين بأنحاء العالم بنسبة 25.5 % ، إلا أن معظم البرلمانيين هم من الرجال حيث تبلغ نسبتهم 74.5%. وأشارت إلى أن دولة الإمارات العربية هي الأعلى تمثيلاً للنساء في البرلمانات بنسبة 50%. وأن البحرين هي الدولة العربية الوحيدة التي تترأس برلمانها امرأة، وأن تونس هي الدولة العربية الوحيد التي تترأس حكومتها امرأة.
وعن الفرص والتحديات أمام النساء في الحياة العامة في مملكة المغرب، تحدثت السيدة خديجة الزياني، عضو ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة. وعضو سابق في مجلس النواب المغربي، ونائبة رئيس بلدية الفنيدق. وبينت أن نسبة النساء في البرلمان المغربي في ارتفاع حيث ازدادت من نسبة 20% في انتخابات عام 2016 إلى نسبة 24% في الانتخابات الحالية. وبينت أنه من بين الفرص التي ساهمت من تواجد المرأة في انتخابات عام 2021 وجود لوائح انتخابية احتوت على نسبة عالية لتمثيل المرأة فهنالك اللائحة الوطنية التي ضمت 60 امرأة إلى جانب لائحة الشباب التي ضمت 30 شابة واللائحة الجهوية التي ضمت 90 امرأة. وبينت أن التحديات تمثلت في تنكر الأحزاب السياسية لمناضلاتها بحيث أن مجموعة من النساء لم يستطعن المشاركة السياسية على رغم من تواجدهن في الأحزاب منذ مدة طويلة. وقالت: “إن لم يفرض القانون تواجد الثلث من النساء من مجموع أعضاء المجلس لن يكون هنالك تمثيل حقيقي للنساء.”
وبينت أن غياب العناية الإعلامية يشكل تحدياً أمام مشاركة المرأة، وأوصت بوضع استراتيجية إعلامية مستجيبة للنوع الاجتماعي قبل وأثناء وبعد الحملات الانتخابية لإبراز القيادات النسائية مع نشر الحقوق الإنسانية للنساء وتوفير الحماية للنساء داخل الأحزاب السياسية إحقاقاً لمبدأ المساواة. وقالت: “لابد من التسريع من تفعيل هيئة المناصفة ومناهضة جميع اشكال التمييز ضد المرأة، واستصلاح القوانين التنظيمية وخاصة المتعلقة بالأحزاب السياسية والتي لا زالت لا تعطي القيمة الحقيقية للمرأة.”
وبدورها أشارت سعادة النائب عبلة الهواري، عضو ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة والعضو الحالي في مجلس النواب المصري، أن قضية المشاركة السياسية للمرأة تهم المجتمعات بصورة عامة والمرأة بصورة خاصة، وقالت: “المجتمع الصحي الذي يسعى لدولة ديمقراطية سليمة هو المجتمع الذي يستطيع فيه كل شخص تحقيق توازنه ويتم تقدير حقوق الإنسان فيه بصورة متساوية.”
وبينت أنه من الفرص المتاحة أمام المرأة المصرية تطبيق الكوتا التشريعية بتوصية من القيادة السياسية بقراراتها الحاسمة والقوية. حيث تم تعديل أحكام الدستور عام 2019 لتحقيق نسبة 25% من المقاعد للنساء، وبناء عليه صدر قانون مجلس النواب المصري رقم 140 لسنة 2020 يتضمن في أحكامه تخصيص مقاعد للمرأة بنسبة 25%، وقالت: ” لا يفوتني دعم القيادة بتعيين 28 نائباً نصفهم من النساء ليصبح عدد السيدات النواب 164 نائباً.” كما أشارت إلى صدور قانون مجلس الشيوخ رقم 141 لسنة 2020 الذي يتضمن نسبة 14% من المقاعد للمرأة في هذا المجلس.
وأشارت إلى وجود تحدي لخوض الانتخابات عن المقاعد الفردية حيث كانت الأعداد كبيرة عند الترشح ولم تتمكن العديد من النساء من الفوز. وأضافت أن التغيرات السياسية المؤثرة على المساواة بين الجنسين هي إحدى التحديات أمام المرأة وبينت أن الأحزاب السياسية مختلفة ولها مناهج مختلفة بأساليب المساواة بين الجنسين.
وأوصت بأهمية تضمين المنظور النسائي في عمل الحزب من حيث القضايا التنظيمية والتنموية والسياسية، والعمل على حصول المرأة على خبرة في المسؤولية الحزبية، وتعزيز مفهوم الترحيب بالنساء الراغبات بالانضمام للحزب، ورسم صورة للحزب أمام العامة توحي بأنه حزب منفتح يرحب بالرجال والنساء معاً، وأن تعمل النساء على التغلب على التحديات المجتمعية السلبية، والتركيز على وسائل التواصل الاجتماعي التي تساعد بشكل كبير بالتواصل مع الناخبين.
وتحدثت معالي السيدة نوارة سعدية جعفر، عضو مجلس الأمة الجزائري وعضو حالي في الائتلاف عن الفرص والتحديات أمام المرأة الجزائرية، وأشارت إلى تعديلات الدستور التي تمت عام 2016 ونهاية عام 2020 والتي تم فيها اعتماد المناصفة وإلغاء المحاصصة، وقالت: “تم التركيز على المناصفة حتى تنتزع المرأة مكانتها بجهودها.” وبنيت أن اللجنة التي تم تكليفها بإعادة النظر بتعديل الدستور كان فيها نسبة كبيرة من النساء وقدمت تقريراً لرئيس الجمهورية بناءً على مشاورات مع الأحزاب ومع المجتمع المدني.
ومن الجدير بالذكر أنه تمت دسترة مبدأ المناصفة في التعديل الدستوري لسنة 2016 كآلية جديدة، يحاول من خلالها المؤسس الدستوري إعادة بعث مكانة المرأة الجزائرية وترقية دورها في مختلف مجالات الحياة.وكما أبقت تعديلاته في أواخر عام 2020 على النصوص ذاتها حيث نصت المادة 68على: تعمل الدولة على ترقية التناصف بين الرجال والنساء في سوق التشغيل. تشجع الدولة ترقية المرأة في مناصب المسؤولية في الهيئات والإدارات العمومية وعلى مستوى المؤسسات.
وأكدت على أن المرأة في الجزائر متواجدة سواء على المستوى التنفيذي أو القضائي أو التشريعي وسواء في صناعة القرار أو في المجال الاقتصادي. وأشارت إلى أن الدستور لا يميز بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بهذه المسائل، وأن الدستور يركز على حماية المرأة بشكل كبير مشيرةً إلى المادة 40 التي تنص على: تحمـــــي الدولــــة المـــرأة مـــن كــــل أشكـــال العنـف في كــل الأماكن والظروف، في الفضاء العمومي وفي المجالين المهني والخاص. ويضمن القانون استفادة الضحايا من هياكل الاستقبال ومن أنظمة التكفل، ومن مساعدة قضائية.
وأكدت على مسألة أن الدستور يدفع بالتغيير نظرة المجتمع ويفرض تواجد المرأة لكن المجتمع يضغط على المشرع ليتماشى مع أفكاره، وقالت: ” أعتقد في نظري وفي نظر الكثير من الخبراء أن الحاجة ملحة لتصحيح الممارسات وتغيير الصورة النمطية عن المرأة وكذلك الأنماط الاجتماعية المغلوطة والأعراف والتقاليد الظالمة وهذا في حاجة إلى تضافر الجهود والتنسيق بين النساء على مستوى الأحزاب والمجتمع المدني والنقابات.” وأكدت على أهمية التغلغل داخل المجتمع حتى نتمكن من اقناع الآخر الذي لا يؤمن بقدرات المرأة بضرورة مشاركتها وأن قدراتها وإمكانياتها ليست أقل من إمكانيات الرجل. وبينت أهمية تبادل الخبرات، والعمل على الحد من سيطرة المجتمع الذكوري، والتواجد بشكل أكبر في الأحزاب السياسية وقالت: “العزوف عن الانخراط في الأحزاب السياسية يضر بمساهمة المرأة سياسياً، والحزب هو الإطار الحقيقي الذي يحب على المرأة أن تكون فيه. ويجب على طبيعة الأحزاب أن تتغير وتكيف عملها مع ظروف النساء.” وأشارت إلى أن هنالك نقص في التدريب والتأهيل للنساء، ومن توصياتها أهمية التركيز على الأحزاب وتحديد الآليات والأطر لمسألة المناصفة، وأهمية الاستمرار في تعديل وتحديث التشريعات وتبني سياسات حكومية وحزبية، وأهمية تبني سياسات إعلامية لتغيير الصورة النمطية، وأهمية تأسيس شبكة للمنتخبات لتبادل التجارب والتحدث عن التحديات والمعيقات.
وبينت معالي بني مصطفى أن التحديات بين الدول متشابهة ولكن هنالك فارق في الظروف من حيث التجذر الحزبي والتمثيل البرلماني ونسبة مشاركة النساء السياسية.
وتطرقت لبعض التعديلات التشريعية التي طرحتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية حيث تمت التوصية أن يتضمن عدد المؤسسين للحزب 20% من النساء، وعلى الحزب أن يضمن لمنتسبيه من الشباب والنساء الوصول للمواقع القيادية، وتمكين الشباب والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة من الولوج لموارد الحزب المتوفرة بشكل عادل ومتكافئ وخاصةً اثناء الحملات الانتخابية.
وبينت أن الضبط التشريعي مهم، والإرادة السياسية والتشريعات تضع الطريق وترسم الطريق أمام تغيير الخارطة الثقافية. وقالت: “يجب أن نحول التحديات لفرص وأن نقف معاً وأن لا نسمح لأحد أن يمس مكتسبات النساء وأن ندافع ونقف صفاً واحداً في مواجهة من يحاول التقليل من هذه المكتسبات.”