نظرأً لجهود مؤسسة وستمنستر للديمقراطية وائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المراة في دعم إلغاء قوانين الاغتصاب التي تعفي المغتصب من الملاحقة إذا تزوج من المعتدى عليها تم تنظيم مؤتمر (نحو إلغاء مواد الإفلات من العقاب في قوانين العقوبات في الدول العربية) بالتعاون مع جمعية النساء العربيات والمساواة الآن، التي تعمل من أجل حماية حقوق الإنسان الخاصة بالمرأة والفتاة في أنحاء العالم. وبالعمل مع المنظمات النسائية ومنظمات حقوق الإنسان الشعبية والنشطاء منذ عام 1992، تقوم المساواة الآن بتوثيق العنف والتمييز المرتكبين ضد المرأة وتحشد العمل الدولي الرامي لدعم جهود وقف هذه الإنتهاكات.
استهلت الجلسة الافتتاحية النائب ماجدة النويشي، نائبة رئيسة إئتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة حيث عبرت عن سرورها بوجودها في المؤتمر قائلة: ” إنه لمن دواعي سروري أن القي كلمة الافتتاح ممثلة عن ائتلاف البرلمانيات وعن إحدى الدول(مصر) التي باردت واسقطت إحدى مواد قانون العقوبات المشين في حق النخوة العربية وهو إسقاط العقوبة عن المغتصب في حال زواجه من المغتصبة.” وأشارت إلى جهود الائتلاف الكبيرة تجاه العنف ضد المرأة حيث تحدثت عن الندوة التي عقدت في البرلمان اللبناني بالتعاون مع لجنة المرأة بمساعدة السيدة جيلبرت زوين العضوة بائتلاف البرلمانيات عن المادة 522 حيث أقرت لجنة الإدارة والعدل إلغاء المادة وتحويلها للدراسة. وأيضاً في العراق الشقيق تقدمت النائبة انتصار الجبوري لاسقاط المادة 398 من قانون العقوبات التي تحمي المغتصب في حال زواجه من المغتصبة ورفع لرئيس المجلس وأرسله إلى لجنة القانون والعدل لمراجعته وأضافت قائلة: ” ما زال هذا القانون تعاني منه نساء العرب في الأردن والعراق وسوريا وليبيا والبحرين والجزائر وتونس وموريتانيا.” كما أشارت أيضا إلى مؤتمر “نحو اتفاقية لمناهضة العنف ضد المرأة في المنطقة العربية” الذي عقد بجامعة الدول العربية بالقاهرة والذي حقق صدى كبير على المستوى العربي والتشريعي والإعلامي والذي شاركت به برلمانييات من جميع الدول العربية وخبراء وقانونيون ورجال دولة وقالت:”سنعمل بكل جدية لإنجاح الاتفاقية العربية، وسيسجل التاريخ لنا أننا قدمنا اتفاقية عربية لمناهضة العنف ضد المرأة عادلة ومنسجمة مع عادات وتقاليد عربية كما تواكب التطور والنمو العالمي لحقوق المرأة والاتفاقيات الدولية.”
و رحبت سعاد أبو دية، مستشارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المساواة الآن بالضيوف وقالت: “نثمن جهود ائتلاف البرلمانات في الاتفاقية ونحن سعداء في التعاون معهم ومع مؤسسة وستمنستر لإقامة هذا المؤتمر وأضافت: ” أتمنى أن يكون البرلمان اللبناني شجاع ويلغي المادة 522″ و “ينبغي التركيز على المعتدي والمغتصب على حد السواء لأن الاعتداء له أشكال عديدة. ولا بد من الاستفادة من تجربة المغرب حيث تم إلغاء المادة 574 وكما تم إلغاء المادة محور الحديث أيضا في مصر.”
عبر السيد هنري ريتشارد، مدير برامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في مؤسسة وستمنستر للديمقراطية عن سعادته بوجوده بالأردن وقال: “أود أن أشكر السيدة سعاد من المساواة الآن وأود ان أشكر ممثلي منظمات المجتمع المدني وأؤكد بأن مؤسسة وستمنستر سعيدة لدعم الائتلاف في مجال الغاء قوانين الإفلات من العقوبات.” وأشار إلى أن الائتلاف قد عمل على اتفاقية لمناهضة العنف ضد المرأة كما أكد على دعم مؤسسة وستمنستر لهذه المبادرة.
ورحبت السيدة ليلى نفاع باسم جمعية النساء العربيات بالضيوف من منظمات المجتمع المدني وبرلمانيات. وقالت: ” لا شك بأن هذه القوانين تذكرنا بأن حقوق التساوي للنساء هي الآن على المحك في ظل النزاعات، والثقافة المستندة على العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتطرف، والحكومات التي تمثل العلاقات الأبوية، وتعبرعن تزاوج ما بين التيار الديني المتطرف والعشائري.” وأضافت:”تحاول النساء العربيات تعزيز المساواة ومناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي والتطرف وأثمرت هذه الجهود من خلال تمرير اللجنة لقانونية قرار إلغاء المادة 522 في لبنان. ومن هنا يبرز دور البرلمانيات في التصدي للتشريعات غير المنصفة.”
وأشارت معالي السيدة أسمى خضر إلى ان أصل هذه القوانين فرنسي وفي إيطاليا لم تلغى المادة ذاتها إلا في أواخر الثمنينات وفي فرنسا في التسعينات. و أن المجتمع يتضرر من الاعتداءات حيث يشعر الأفراد بعدم الاطمئنان علماً بأن الدستور ينص على حق الطمأنينة. وأشارت إلى ضرورة الدمج بين الحق العام والشخصي إذ يجب أن يعاقب المعتدي. وأضافت: “أركز على مسؤولية الدولة وهي جوهر العمل على مناهضة العنف ضد المرأة فهي التي يجب أن توفر اللازم لذلك.”
وتحدث النائب الأردني خالد رمضان عن تجربة الأردن في مجال السعي لإلغاء المادة 308 وقال: “إن قضية المرأة ليست قضية الوطن وإنما الوطن قضية المرأة. وإن الناشطات والناشطين في قضايا العدالة لا استطيع إلا أن اكن لهم احتراماً لأنهم ينحتون بالصخر” مشيراً إلى أن جذور مشكلة تزويج المغتصب للمغتصبة لا تعود إلى المجتمع الذكوري والعادات والتقاليد فحسب إنما أيضاً إلى القضاء والتشريع والفئة المتحكمة التي من مصلحتها الانتماء إلى الماضي. وهنا أشار إلى أهمية الاتجاه إلى الدولة المدنية لمعالجة كافة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قائلاً:”الدولة المدنية ليست ضد الدين بل تحترم الدين ولكن السياسة الدنيوية ملوثة ولذلك لدينا إشكال مجتمعي وعليه يجب عدم خلط الدين بالسياسة.” وأشارإلى أنه كانت هناك مبادرة بتاريخ 17/4/2016 حيث قدم اقتراح من 20 نائب لإلغاء المادة 308 .
أما حسناء منصور مديرة البرامج في مؤسسة وستمنستر فتحدثت عن الخطوات الإقليمية في العالم العربي لتعزيز المساواة ومناهضة العنف ضد المرأة. وأشارت إلى ان ظاهرة العنف ضد المرأة ليست ظاهرة عربية وإنما ظاهرة عالمية شكت ومازالت تشكو منها كل المجتمعات البشرية. وتحدثت عن الآفات في مجال العنف ضد المراة في العالم العربي ومنها تزويج القاصرات وختان الإناث، و الإكراه على البغاء، والتحرش الجنسي. وأشارت إلى آفات قوانين العقوبات إذ أن بعض القوانين الجزائية في بعض الدول العربية ما زالت مخزية ومهينة بحق المرأة ومن تلك المواد تبرئة المغتصب في حال وافق على الزواج من ضحيته فإذا بالضحية تقع ضحية مرتين. وأشارت إلى انه مازالت بعض الدول تتساهل في موضوع ما يسمى جريمة الشرف وذلك عبر نظرية الاسباب التخفيفية بهدف تخفيف العقوبة على الجاني والتي تعكس تفهما للفعل الإجرامي وهذا أمر خطير إذ لا يجب قبول نص يحلل قتل نفس بشرية وفي معظم الحالات لا يكون هناك إثبات.
أشارت النائب انتصار الجبوري إلى أن النساء والفتيات يعانين في العراق وخصوصاً من تنامي ظاهرة التحرش الجنسي. وقالت: “المرأة العراقية عانت طويلاً من فقدانها حقوقها الأساسية وحريتها الشخصية وحتى تحديد مستقبلها، أو في اختيار شريك حياتها، ورب أسرتها، والأب المستقبلي لأبنهائها. كل ذلك تحت غطاء الدين أو التقاليد أو العادات.”
أما الدكتورة فوزية البيض من المغرب فتحدثت عن تجربة المغرب في الغاء المادة التي تتعلق بزواج المغتصبة من الجاني وقدمت عرضاً توضيحياَ بعنوان (زواج المغتصبة بالمغرب من الحيف القانوني إلى العدالة الجنائية) وأشارت إلى أن إعفاء المغتصب من المحاكمة إذا تزوج ضحيته هو اغتصاب حقوقي مضاعف ووصمة عار وانحراف قانوني وتزكية لثقافة الإفلات من العقاب وأشارت إلى أنه في المناطق الريفية المحافظة في المغرب ينظر إلى الفتاة أو السيدة غير المتزوجة التي تفقد عذريتها –حتى عن طريق الاغتصاب- على أنها تجلب العار لعائلتها وغير مناسبة للزواج.
وأشارت سلمى النمس رئيسة اللجنة الوطنية لشؤون المرأة إلى أن هذا المؤتمر ينبغي له أن يخرج بالآليات تنفيذ واستهلت قائلة” لدينامشكلة تشريعية ومشكلة تجربة ويهمنا الردع العام ولن يكون التشريع وحده مسؤولاً عن تغير نظرة المجتمع لذا فالقضية قضية مجابهة وسقفنا الأعلى هو إلغاء المادة 308 بشكل تام” وأشارت إلى ان لائحة المطالب موجودة منذ 2003 ومنها إلغاء المادة 308 ولكن هناك تحديات ومنها غلبة الخطاب المجتمعي على التشريع الذي هو أداة لتغيير المجتمع. وقالت: “على الدولة ان تلتزم بتطبيق التشريع وهناك فجوة ما بين الخطاب والتطبيق.” وتساءلت عن الجهود التي تتخذها الدولة سواء في المناهج أو الإعلام للتأسيس لفكر مجتمعي إيجابي. وأضافت إلى أن اللجنة الوطنية تواجه العديد من التحديات رغم ان هناك قرارا من مجلس الوزراء يقتضي بأن هناك صلاحية للجنة الوطنية لشؤون المراة لمراجعة التشريعات. كما استعرضت مشاكل قانون العقوبات والتي تتضمن: 1- اعتبار الانتهاك هو انتهاك للعرض والشرف وليس للجسد. 2- وأنه لازال في قانون العقوبات تمييز ضد المراة.
وتحدثت لورا صفير، رئيسة الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة، قائلة: “شاركت الهيئة اللبنانية في الاجتماعات وورش العمل والمؤتمرات التي انعقدت في بريطانيا وعمان برعاية مؤسسة وستمنستر للديمقراطية والتي جرى فيها تبادل الخبرات مع الدول العربية والتي انبثق عنها ائتلاف البرلمانيات العرب.وخلال هذه المدة عكفت الهيئة الببنانية لمناهضة العنف ضد المرأة على القيام بعدة نشاطات منها التنسيق مع أمانة سر مجلس النواب وبعض أعضاء البرلمان وقد تم تنفيذعدة ورش نوعية استهدفت منظمات المجتمع والجمعيات والناشطين والمحامين والإعلاميين بهدف التوعية حول مساوئء هذه المادة وضرورة إلغائها.”
وقدم السيد منير دعيبس عرضاً حول الدراسة التي أجراها التحالف المدني لإلغاء المادة – ٣٠٨ من قانون العقوبات الأردني، وأشارإلى أنه في الآونة الأخيرة كان هناك مطالبة بإلغاء المادة 308 وكان هناك عقبة ان المجتمع المدني ليس لديهم أية إحصاءات حول ما إذا كان المجتمع مع أو ضد إلغاء المادة 308 وقال: “لذلك رأينا من الضروري إجراء دراسة مسحية لكل محافظات المملكة ووجدنا أن هناك حالات يصعب بها تطبيق المادة 308 إذا كانت المجني عليها مترزجة او في حال اختلاف الديانة ما بين الجاني والمجني عليها. وصدرت ورقة موقف عن التحالف وتقدمنا بها لرئاسة الوزراء وبعد شهر تم عرض المادة 308 على مجلس الوزراء ومناقشتها وكان هناك معارضين وتم إرجاء النظر فيها. في النهاية تم تعديل المادة ولكن نتطلع لإلغاءها كاملة.”
وقدمت ليزا حدو، رئيسة جمعية نساء بغداد ورقة وجاء فيها: “إن صور معاناة المرأة العراقية ضد العنف المسلط عليها عديدة وتكاد تشغل أغلب مناحي حياتها وهذا ما يشكل انتهاكاً صارخاً بحقوقها ، إذ ينقص إن لم نقل يمنع عنها تمتعها بحقوقها الإنسانية وهذا ناتج عن الممارسات التميزية القائمة على أساس النوع الاجتماعي في الوقت الذي لا بد ان تتحقق فيه المساواة بين الجنسين من أجل اتمام حقوق الإنسان للجميع.”
وتحدثت فاطمة أبو إدريس، رئيسة الاتحاد النسائي البحريني، عن حراك المجتمع المدني لإلغاء المادة 353 من قانون العقوبات البحريني وقالت: “الاغتصاب من الجرائم التي تتسم بأقصى درجات العنف الموجه نحو المرأة والتي تلقي بظلالها على المرأة المغتصبة وعلى ذويها والمجتمع كاملاً، وقانون العقوبات البحريني يجرم الاغتصاب بكل أشكاله فهو من الجرائم الجنائية التي تستحق عقوبات قاسية تصل إلى الإعدام والسجن المؤبد.”
وتحدث راجي الحسيني من تحالف ربيع الكرامة عن الحركة النسائية في المغرب وأشار إلى أن المطالبة بحقوق النساء ليست دخيلة على المجتمع المغربي ولم تكن وليدة المواثيق الدولية وما يعيشه المغرب من زخم ودينامية على مستوى مطالب الجمعيات النسائية هو امتداد لثقافة متجذرة طالبت بالمساواة قبل استقلال المغرب.
أما السيد جهاد حرب فقدم ورقة عن أشكال التعاون بين البرلمانيين والمجتمع المدني وقال:”على المجتمع المدني رصد ومراقبة البرلمانيين، ويجب اشراك القيادات النسائية في الاحزاب السياسية والعمل معهن، وكذلك بعض رجال الدين المناصرين للمرأة، والإعلام، وصناع الراي، لمساندة قضايا المرأة. ومنظمات المجتمع المدني عليها تحديد وتصنيف النواب إلى: نواب محايدين لقضايا المراة، ونواب معارضين لقضايا المرأة، ونواب مؤيدين لقضايا المراة.” وأشار إلى ضرورة حضور جلسات الاستماع في البرلمانات من قبل مؤسسات المجتمع المدني. وأن وجود وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن تمنح منظمات المجتمع المدني والبرلمانات القوة لنشر النقاش بشكل أوسع. وأن إبرام الاتفاقيات والوثائق التي تناهض العنف ضد المراة هي أمور في غاية الأهمية.