كلمة رئيسة لجنة المرأة والطفل النائب جيلبرت زوين
إسمحوا لي أن أرحب بالسيدات والسادة الزملاء مجدداً، أعضاء ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة، وممثلي الادارات والهيئات الوطنية والخبراء والأكاديميين وكافة الحضور.
يشرفني أن أستضيف اليوم في البرلمان اللبناني بصفتي رئيسة لجنة المرأة والطفل وعضو مؤسس في ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة، الاجتماع الاقليمي للإئتلاف الذي يتمحور حول دعوة البرلمانات العربية الى الغاء مواد قانون العقوبات التي تسمح بايقاف الملاحقة القانونية بحق المعتدي، اذا ما انعقد زواج صحيح بينه وبين المعتدى عليها. فان أغلبية القوانين الجنائية العربية لا تخلو من النصوص التي تعفي المغتصب من الملاحقة أو تعلق تنفيذ الحكم اذا تزوج المذكور المعتدى عليها، أي أنه بمعنى آخر فان القوانين الجنائية العربية تشرّع الاغتصاب الذي يليه زواج حيث أن عقد الزواج بالضحية يلغي جرم الاغتصاب.
وتجدر الاشارة الى أن القانون الجنائي المصري كان سبّاقاً في هذا الأمر حيث كان قد ألغى المادتين 290-291، المتعلقتين بالاعفاء من العقوبة اذا تزوج الجاني المعتدى عليها. وقد لحقه بذلك البرلمان المغربي الذي صادق حديثاً على مقترح قانون يقضي بالغاء الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي المغربي التي كانت تقضي بوقف ملاحقة “المختطف”، دون عنف أو تهديد، اذا ما قبل أن يتزوج القاصرة البالغة، أي اعفاء المغتصب من العقوبة في حال تزوج من المعتدى عليها.
ويحذو الأردن حذو المغرب ومصر، حيث يشارف على الغاء المادة 308 من قانون العقوبات بعد حملة موسعة خاضها نواب ونشطاء أردنيين لمناهضة جريمة الاغتصاب والتشريعات المخففة المتصلة بها، وسوف نستمع اليوم من السيدات الأعضاء في ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة الى تجاربهم الوطنية في هذا المجال.
أما فيما يخص لبنان فالجدير ذكره أن فترات الاضطراب الأمني والسياسي التي يشهدها البلد لم تحبط حركة تطور المجتمع اللبناني باتجاه مزيد من المساواة بين المرأة والرجل، حيث يسجل ارتفاع بمستوى الادراك لأهمية البعد الجندري في تقدم المجتمع وذلك على الصعيدين الحكومي والمجتمعي، فضلاً عن سقوط جدار الصمت الذي كان يحول دون طرح العديد من القضايا الجندرية في محافل النقاش العام مما شكل تمهيداً لنشاط تشريعي بارز اليوم في مجالات لم تشهد تطوراً خلال السنوات السابقة كاقرار قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري.
غير أن المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني (على سبيل المثال لا الحصر) كفيلة لتؤكد لنا أنه ما زال لدينا معارك عديدة أقله على المستوى القانوني لتثبيت مبدأ المساواة ومناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة،
وفي سياق الجهود الرامية الى الغاء هذه المادة، تقدمت كرئيسة للجنة المرأة والطفل باقتراح الى لجنة الادارة والعدل يتعلق بالغاء المادة 522 عقوبات، وقد أعتبرت لجنة الادارة والعدل أن تعديل المادة 522 يجب أن يتم مع درس مشروع قانون العنف الأسري وبالتالي تم احالته الى اللجنة المكلفة يومها درس مشروع العنف الأسري ولم يتم الغاء هذه المادة.
والى جانب الجهود النيابية، يقوم المجتمع المدني والجمعيات النسائية بدور فعال في سبيل الغاء المادة 522، وقد تم كسر جدار الصمت حول الموضوع في وسائل الاعلام وحتى من جانب بعض رجال الدين، غير أن الضغط الاجتماعي والتمييز التاريخي الذي تعرضت له المرأة والذي استخدم ثنائية العنف والخوف كأداة قمعية تبقيها خاضعة للموروث الثقافي الذكوري ما زال يشكل التهديد الأبرز لتحقيق مساواة فعلية بين الرجل والمرأة، وعلى الرغم من الاقتناع بضرورة الحاجة الى تطور أخلاقي ثقافي عابر للثقافات، فان للقوانين قدرة الضبط والمعاقبة والتأسيس لمساواة حقوقية تحمي وتمكن المرأة.
من هنا تأتي أهمية الغاء المادة 522 من قانون العقوبات، آملين أن تعم تجربة المغرب ومصر باقي البلاد العربية في هذا المجال، حيث أنه من غير المقبول أن تعاني الضحية اضافة الى المعاناة المعنوية جراء فعل الاغتصاب الى معاناة ظلم النصوص القانونية والمتخلفة في حقها.
وفي الختام ارحب بكم مجدداً وأشكر مؤسسة وستمنستر للديمقراطية والمعهد العربي للتدريب البرلماني والدراسات التشريعية على تنظيم هذا الاجتماع، كما أشكر جميع من لبّى الدعوة لحضور هذه الورشة اليوم .