ينضم الائتلاف في الثامن من آذار إلى المجتمع الدولي في الاحتفال باليوم الدولي للمرأة. وفي هذا العام، ويأتي هذا اليوم بعنوان:”المساواة المبنية على النوع الاجتماعي اليوم من أجل غدٍ مستدام”
ويأتي موضوع اليوم الدولي للمرأة في انسجام تام مع الموضوع ذي الأولوية للدورة السادسة والستين المقبلة للجنة وضع المرأة (CSW66): “تحقيق المساواة المبنية على النوع الاجتماعي وتمكين جميع النساء والفتيات في سياق تغير المناخ، وسياسات وبرامج الحد من مخاطر الكوارث البيئية”.
اليوم لن نتمكن من الحصول على غد مستدام دون تمكين المرأة وترسيخ مبادئ المساواة والعدالة والتي تتضمن تزويد المرأة بالدعم والتمكين اللازم لتحقيق المساواة ولا بد من تمكينها اقتصاديا وسياسياً وعلمياً واجتماعياً لأن هذه منظومة متكاملة ولا يمكن أن تتجزأ.
وبحسب الأمم المتحدة فإن النساء والفتيات، هن من يتحملن وطأة الصدمات البيئية والاقتصادية والاجتماعية. لكن نفس النساء والفتيات هن أيضاً من أوائل المستجيبين عند وقوع الكوارث، وهن صانعات القرار المهيمنات في المنزل بشأن الطاقة والنفايات. لذا لا يمكن أن يكون العمل المناخي ناجحاً أو مستداماً إذا لم يشمل النساء.
والتمييز المتأصّل يكثّف آثار تغيّر المناخ بالنسبة إلى المرأة – لا سيما عندما تتعرّض المرأة أيضًا إلى التمييز والإقصاء ضمن مجتمعها. كما أن هذا يسبب انعكاسات سلبيّة على حقّ المرأة في الصحّة والأمن الغذائيّ وسبل العيش، لا سيما في وجود الفجوة بين الجنسين، فبحسب تقرير سد الفجوة الجندرية لعام 2021 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، بلغت نسبة الفجوة بين الجنسين 60.9% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وسوف يستغرق الأمر 142.4 سنة لسد الفجوة بين الجنسين في تلك المنطقة بينما سيستغرق الأمر عالمياً 135.6 سنة. فمن حيث التمكين الاقتصادي والفرص بلغت نسبة الفجوة في المنطقة 40.9%، ومن حيث التحصيل التعليمي 94.2 %، ومن حيث الصحة والبقاء على قيد الحياة 96.5%، ومن حيث التمكين السياسي 12.1%.
وهذا كله من شأنه أن يقلل من مساهمة المرأة في عدة مجالات لا سيما في تغير المناخ. فالمرأة اليوم هي الأكثر تأثراً بتغيرات المناخ، فخلال الظواهر المناخيّة القصوى، من المرجّح أن تموت النساء أكثر من الرجال، بسبب اختلافات تتجلّى على مستوى الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة والوصول إلى المعلومات. كما تتعرّض النساء الحوامل والمرضعات لانعدام الأمن الغذائيّ الناتج عن تغيّر المناخ. كما قد تتسبّب مياه الشرب الأكثر ملوحة بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، في ولادات مبكرة ووفيّات أمهات وأطفال حديثي الولادة. ويمكن أن يؤدي الضغط الاقتصاديّ الناجم عن الكوارث وتغيّر المناخ إلى حالات زواج أطفال وزواج مبكر وزواج بالإكراه، كاستراتيجيّة للتكيّف. كما أن المخاطر العارمة التي تهدّد الأرض والمياه والكائنات وسبل العيش تؤثّر بشكل كبير على النساء اللواتي يعملن في الأرض أو يعتمدن على النظم الإيكولوجية لإعالة أسرهنّ.
في خلال العام الماضي، عاش أكثر من 17 مليون شخص التشرّد الداخليّ في 144 دولة، بسبب الكوارث الطبيعيّة وتغيّر المناخ. ومن بين هؤلاء الملايين من النازحين، تتعرّض المرأة والفتاة بشكل خاص، اليوم وفي المستقبل، لمخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعيّ، بما في ذلك الاتّجار بالبشر وغيره من الانتهاكات الأخرى.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة عام 2018 فإن 80 في المئة من النازحين بسبب التغير المناخي كن نساء.[1]
المرأة اليوم هي من لديها الإجابات على الحد من آثار تغيرات المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما أن التعليم وحق المرأة في التملك والميراث من شأنه أن يسهل على المرأة التعامل مع التغير المناخي.
بحسب منظمة الفاو ، تشكل النساء عصب العمل المتعلق بالزراعة حيث يشكلن 45 في المائة من اليد العاملة في الزراعة في الدول النامية، كما أن هذه النسبة ترتفع إلى 60 في المائة في أجزاء من أفريقيا وآسيا. الأدلة تشير إلى أنه عندما تتاح الفرص للنساء، فإن محاصيل مزارعهن تزداد وبالتالي يزداد دخلهن. كما أن الموارد الطبيعية تدار بشكل أفضل، وتتحسن التغذية وتصبح سبل العيش مضمونة. والمحاصيل الزراعية ستزداد بمقدار الثلث تقريباً لو أتيحت للنساء فرصة الوصول إلى الموارد مثل الرجال. وبالتالي فإن عدد الجوعى في العالم سينخفض بنحو 150 مليون شخص. ونحن نعلم أن الأطفال سيكون أمامهم فرص أفضل للمستقبل عندما تكون امهاتهم يتمتعن بالصحة والثروة والتعليم، خاصة خلال الأيام الألف الأولى من حياة الطفل”
هذا هو السبب الذي يجعل النساء لاعبات رئيسيات في جهود تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف الثاني الذي ينص على القضاء على الجوع وسوء التغذية في العالم .[2]
ولهذا آن الأوان أن تضع الدول المرأة على سلم أولوياتها ولا سيما في المنطقة العربية التي أنهكتها الحروب والظروف الاقتصادية الصعبة، وتفاقمت تحدياتها مع جائحة كورونا. ومع ذلك يجب أن تعي الحكومات آثار إقصاء المرأة وضعف تمكينها، وينبغي أن تتضمن سياساتها واستراتيجياتها تمكين المرأة من جميع النواحي وفي جميع مجالات الحياة لدورها في التنمية البشرية.
كل عام وجميع النساء بخير، وكل عام والمرأة العربية بخير.
[1] htps://www.bbc.com/arabic/middleeast-59391745
[2] https://www.fao.org/news/story/ar/item/461169/icode/t