أكد رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة أن المجلس سيواصل نهجه وقناعته بتمكين المرأة، مضيفا أن ذلك قد تجسد فعلا وليس قولا. جاء ذلك خلال رعايته اليوم الخميس انطلاق أعمال مائدة مستديرة بعنوان “واقع المشاركة الاقتصادية للنساء، التحديات والحلول”، والذي عقده ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة بالتعاون مع المبادرة النسوية الأورومتوسطية تحت شعار “النساء إلى الأمام”.
وأشار الطراونة، في كلمته، إلى التعديلات التي أقرها مجلس النواب على كثير من التشريعات كانت تصب في هذا الاتجاه، وليس آخرها المتعلق بإعفاء أبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين المقيمين في الأردن وأبناء قطاع غزة من الحصول على تصاريح العمل.
وأضاف الطراونة:” كما أقر المجلس تعديلات جوهرية على قانون العمل، إذ لا تمييز في الأردن بين العامل المحلي والأجنبي.” مشيرا إلى أن القانون كفل عدم التمييز بين الجنسين في الأجر عن العمل ذو القيمة المتساوية، ما يعني أن أي تمييز على أساس النوع الاجتماعي في مكان العمل، سيجرم ضمن القانون.
وأِشار إلى إقرار تعديلات واضحة تستهدف تمكين وتحفيز المرأة بإدخال مفهوم العمل المرن والجزئي، فضلا عن تعديلات على قانوني التقاعد المدني وضريبة الدخل كانت تصب في صالح المرأة بشكل مباشر، بحيث تم الاعتراف بالمرأة كمعيلة ومنحها القانون لأول مرة الحق بالحصول على الإعفاءات الضريبية، وكذلك حقها في توريث راتبها للورثة.
وأكد الطراونة أنه سيدعم أي توصية من شأنها إنصاف المرأة في الأردن وتمكين أبناء قطاع غزة من الحصول على تصاريح العمل.
وتطرق الطراونة إلى قطاع غزة ومعاناته، “ما يزال القطاع يعاني واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية، وليس بعيدا عنه في مختلف المدن الفلسطينية حيث المرأة الفلسطينية ما تزال تسجن وتقبع في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، لتجد في جوارها بالمعتقل أطفالا وشيوخا، ليتجسد معنى التجرد من كل القيم لدى هذا المحتل.”
وقال إن المرأة الفلسطينية على امتداد أعوام نضالها لنيل حقوق شعبها التاريخية والمشروعة، كانت هدفا للمحتل، والذي ما تورع عن استخدام شتى أساليب التميز والقهر والعنف بحقها.
وتساءل: “أليست المرأة الفلسطينية أحق من سواها بالدعم والتمكين والإنصاف، وهل يوجد في العالم كله امرأة عانت أكثر من المرأة الفلسطينية؟”
وأشار الطراونة إلى أن الأردن تعامل وفق منظومة متكاملة مع ملف اللاجئين، كان عنوانها الإنسانية في أسمى معانيها. وقال: “تعلمون كيف تحمل الأردن من الأعباء الكثير جراء موجات اللجوء المتعددة، وكان آخرها من الشقيقة سورية، حيث استقبلت المملكة نحو 1.3 مليون لاجئ، تقاسمنا معهم كل ما نملك، فلم نميز بين مواطن ولاجئ، وكانت مواردنا على قلتها تحت تصرفهم، وليس في هذا منة أو فضل، بل هو واجب الشقيق لشقيقه وما تمليه علينا إنسانيتنا، وثوابتنا ورسالة دولتنا الأردنية التي نشأت على قيم الحق والخير والعدل.”
وأوضح تعاظم التحديات على الأردن، وقال: ” في وقت كان غالبية اللاجئين يقطنون بين مواطنينا في المحافظات، كانت دول تفوق الأردن إمكانيات وموارد، تضيق عن استقبال بضعة آلاف من اللاجئين، وعلاوة على ذلك كان مؤلما لدينا حجم تخاذل المجتمع الدولي في دعم الدول المستضيفة للاجئين كي تتمكن من توفير الخدمات اللازمة لهم، ونحن في الأردن لم تصلنا سوى ثلث تلك الاحتياجات، ورغم ذلك بقينا على عهدنا على حساب موازنتنا ومواردنا الشحيحة.”
وتابع الطراونة قائلاً: “رغم كل ذلك، لم نجبر لاجئاً على مغادرة أراضينا، بل ما نزال ندعم فكرة العودة الطوعية للاجئين، ولن نتخلى عن دورنا الإنساني تجاه كل الذين لجأوا لأرضنا باحثين عن الأمن والطمأنينة، مستلهمين هذه القيم من توجيهات ملكية سامية يؤمن بها دوما جلالة الملك عبدالله الثاني، بأن قدر الأردن أن يكون العون والسند لأهله، وأنه لن يخذل أمته، فالإنسانية والأخوة التي تجمعنا أسمى من كل حسابات التجارة بالدم وحروب الوكالات.”
وكان الطراونة هنأ في بداية كلمته السيدة ماريا هادجيثيو دوسيو، بمناسبة توليها قبل أيام قليلة مهام عملها رسمياً سفيرةً للاتحاد الأوروبي لدى الأردن، قائلًا نتطلع إلى تواصل شراكتنا الفاعلة في المجالات كافة، بخاصة المتعلقة بتطوير العمل البرلماني وتمكين المرأة والشباب.
بدورها قالت رئيسة ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة النائب المحامية وفاء بني مصطفى ” على الرغم من أن الأردن يعتبر متقدماً من حيث التنمية البشرية، فإن مشاركة المرأة في الاقتصاد والسياسة والحياة الاجتماعية لم تصل إلى مستواها المرغوب فيه حتى الآن.” مشيرةً إلى أن الإحصائيات العالمية المتعلقة بالمشاركة الاقتصادية للمرأة متدنية في العالم وفي الأردن الأمر الذي يحتاج إلى تضافر الجهود بشكل مكثف وفعال.
وأكدت بني مصطفى على أن الاستقلالية الاقتصادية للمرأة تجعلها قادرة على اتخاذ القرارات والمشاركة الفعالة في أسرتها ومجتمعها.،مبينة أن تمكين المرأة اقتصادياً يخفف الأعباء ليس على الأسرة فحسب ولكن على الدولة أيضا.
وقالت لا بد من تغيير نظرة المجتمع لعمل المرأة أولا، ولا بد من وضع خطط واستراتيجيات للنهوض بالواقع الاقتصادي للمرأة ، ولا بد من تغيير التشريعات التي تسهم في ضمان حقوق المرأة في الحصول على فرص متكافئة وتجعل الأردن في مقدمة الدول في سد الفجوة الجندرية وفي جعل المرأة شريكة رئيسية في اقتصادها.
من جهتها أكدت سفيرة الاتحاد الأوروبي في عمّان ماريا هادجيثيودوسيو ان الاتحاد ملتزم بدعم مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالمرأة وتعزيز العلاقة ما بين المجتمع المدني ومجلس النواب، مشيرة إلى ضرورة ان تتمتع النساء ببيئة صديقة لها على صعيد المنزل او العمل في اوطانهن.
ودعت إلى ضرورة وجود حضانات بأماكن العمل، لافتة إلى أن ذلك من شأنه تعزيز مشاركة المرأة الاقتصادية، وأشارت الى أهمية اطلاق حملات إعلامية لتعزيز مشاركة المرأة الاقتصادية مشيدة بالتشريعات التي أقرها المجلس بشأن حقوق المرأة.
من ناحيتها اشارت مديرة مشروع مدد في الأردن في المبادرة النسوية الأورومتوسطية انصاف دعاس، إلى أنه منذ بداية شهر أيلول 2018 تقوم المبادرة النسوية الأورومتوسطية بمشروع بعنوان ” تعزيز الوصول الى الحماية والمشاركة والخدمات للنساء اللاجئات والنازحات والمجتمعات المستضيفة في لبنان والعراق والأردن ” بتمويل من الاتحاد الأوروبي واستجابة للأزمة السورية.
واوضحت دعاس أن المشروع بالأردن يركز على تحسين الأوضاع الاجتماعية لللاجئات السوريات والنساء في المجتمعات المستضيفة، والمساهمة في إزالة العوائق الاجتماعية والقانونية والاقتصادية أمام توظيفهن، مؤكدة ضرورة اتخاذ سياسات وخطوات فعلية للنساء للدخول في سوق العمل والبقاء فيه.
وتناولت اعمال المائدة جلسة حملت عنوان ” التطورات والإنجازات والتحديات ” قام بتيّسير اعمالها النائب المهندس خالد رمضان وشارك فيها كل من: مسؤول مشروع (مدد والشراكة) في المبادرة النسوية الأورومتوسطية علا عواد، والأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي، والمديرة التنفيذية لمؤسسة تمكين للدعم والمساندة ليندا كلش، ونائب مدير مركز تطوير الاعمال غالب حجازي، وممثلة عن مؤسسة “صداقة ” ريم اصلان .
وأكدوا في مدخلاتهم أن تحقيق قدر أكبر من المساواة بين الجنسين في الأردن يمثل تحدياً كبيراً على الرغم من المكاسب المهمة التي تحققت في تعليم المرأة والمساواة بالتحصيل العلمي .
وبينوا أن التمكين الاقتصادي للمرأة يمكن أن يكون عاملاً محورياً في تحويل الفرص الناتجة عن النمو الاقتصادي إلى مساواة أوسع بين الجنسين، حيث أن هناك إدراكاً متزايداً بأن نمط النمو مهم بقدر ما يسير بخطى سريعة.
وشددوا على ضرورة التشبيك والعمل التشاركي بين جميع الجهات ذات العلاقة لتشغيل المرأة وتعزيز المهارات المكتسبة لديها ومواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل لافتين إلى أن تمكين المرأة لا يأتي إلا بالحوار الاجتماعي والشراكة مع الحكومة والنقابات العمالية لتغيير ثقافة العمل.
وفيما يتعلق بمحور الحلول ومعالجة التحديات المرتبطة بواقع المشاركة الاقتصادية للنساء فقد شارك بالجلسة التي يّسر اعمالها النائب الدكتورة صباح الشعار كل من : العين هيفاء النجار، ورئيسة لجنة المرأة وشؤون الاسرة النيابية الدكتور ريم أبو دلبوح، والمستشارة القانونية في اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة المحامية امال حدادين، وممثلة عن وزارة العمل الدكتورة ايمان العكور، وممثلة عن وزارة التنمية الاجتماعية منى الرفوع .
وأكدوا أهمية وجود حوار مستمر ينادي بدعم المرأة للمرأة ودعم الرجل للمرأة حيث أنه محوري و وأكدوا على أن الأردن يحتاج اإى التفاعلية والانفتاح أكثر على مؤسسات المجتمع المدني والنقابات والحكومة.
وأشاروا إلى جملة التشريعات التي تم تعديلها بهذا الشأن وضرورة مراقبتها وتطبيقها على أرض الواقع لافتين إلى أن مجلس النواب الثامن عشر اهتم كثيرا بقانون العمل فيما يتعلق بعمل المرأة والحضانة ورفع الأجور .
واتفق المشاركون في ختام المائدة المستديرة على إعادة صياغة كافة الملاحظات والمقترحات التي تم طرحها بهدف الخروج بتوصيات واضحة سيتم الإعلان عنها لاحقاً تتضمن حلولاً ناجعة من شانها النهوض بواقع المرأة اقتصادياً.