قال رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة إننا نتطلع دوماً لأن يكون دور المرأة عموماً، والبرلمانية خصوصا، مؤثر وفاعل وفارق في مسيرة الإصلاح والتحديث التي ننشدها جميعا.
وأضاف، خلال رعايته اليوم الاثنين أعمال طاولة مستديرة لمناقشة مشروع الاتفاقية العربية لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة والعنف الأسري، أن تطور حضور المرأة البرلمانية قد تضاعف في مواسم انتخابية متلاحقة، وإن كان قانون الانتخاب قد خصص لها 15 مقعدا مضمونة (الكوتا)، فإنها تفوقت على هذا الرقم بخمسة مقاعد حصلن عليها بالتنافس الحر.
وتابع أن أن هذا التنافس يحمل في طياته ثورةً ذهنية في عقول الأردنيين، الذين اسقطوا مبدأ الجنس في التمثيل الشعبي، لصالح الأثر والدور والمكانة.
وأوضح الطراونة أن المرأة البرلمانية، وبعد تراكم خبرتها، وتعاظم دورها، سجلت حضورا لافتا، وكان لأدائها تحت سقف قبة البرلمان الدور الأصيل في تغيير الصورة النمطية عن المرأة النائب، والتي استطاعت عبر الأداء النوعي، أن تحفر بصمة خالدة في كتاب العمل البرلماني.
وزاد لقد توَّجت المرأة الأردنية نجوميتها في الحياة السياسية بحصولها على مقاعد نيابية عن سابق جدارة وانتصار، وأمام تعاظم نسب تمثيل المرأة في البرلمان الأردني، وتنافسيتِها على مستوى المنطقة، فإننا في مجلس النواب الثامن عشر نسعى إلى تعظيم دور المرأة النائب، ولعل جانب من جهود تعزيز هذا الدور، هو التشبيك الإيجابي مع مؤسسات المجتمع المحلي الفاعلة والمؤثرة.
وأكد الطراونة أهمية عدم تضيع أي فرصة للاستفادة من الخبرات والقدرات في مؤسسات المجتمع المدني، التي يمكن لها أن ترفد المرأة البرلمانية بتصورات تطبيقية تعزز حضور الزميلات في مجلس النواب الثامن عشر، مشيراً إلى أننا ماضون في تمكين دور المرأة الأردنية في الميادين كافة.
من جهتها، قالت رئيس ائتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة النائب وفاء بني مصطفى إن الائتلاف وضع، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، مشروع الاتفاقية العربية لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة والعنف الأسري ، والتي تم إطلاقها في الثاني من شهر كانون الأول 2016.
وأضافت إن الائتلاف يسعى الآن لوضع هذا المشروع بين يدي صانعي القرارات وأعضاء المجالس النيابية في الدول العربية والمعنيين من منظمات المجتمع المدني والناشطين في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة في البلدان العربية.
وأعربت عن أملها أن يأتي يوم يتم فيه إقرار ذلك المشروع في البلدان العربية كافة، من أجل النهوض بمجتمعاتنا وإرساء الأسس التشريعية الوطيدة للتنمية البشرية والتنمية المستدامة عبر ضمان الحقوق الطبيعية والإنسانية الأساسية للمواطنين لتمكينهم من لعب دور فاعل في بناء المجتمع والوطن على أساس من المساواة المواطنة وإنطلاقا من أهمية التشريعات الوطنية في الوقاية والحماية من ظاهرة العنف ضد المرأة والفتاة .
وأشارت إلى أن الأردن صادق على أهم الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة والطفل، مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”.
بدورها، قالت مدير مؤسسة وستمنستر للديمقراطية للشرق الأوسط وشمال افريقيا وآسيا دينا ملحم إن هذا اللقاء يشكل فرصة لتسليط الضوء على موضوع ذات أهمية خاصة وهو مكانة الآليات التعاهدية الإقليمية العربية لحماية المرأة والفتاة من العنف، والتي تُعد من أهم المؤشرات المعتمدة للدلالة على مدى انخراط الدول في إرساء أنظمة حمائية للمرأة.
وأضافت كما يشكل هذا اللقاء مقاربة جديدة لعملية بلورة وتطوير المعاهدات أو الاتفاقيات، مؤكدة أهمية إشراك النواب في عملية إعداد وصياغة الاتفاقية ووضع ملاحظاتهم، فهم بصفتهم مشرعون وممثلون منتخبون من الشعب يضطلعون بدور مهم في احترام سيادة القانون وتطبيق حقوق الإنسان .
وبينت ملحم أن اهتمام الائتلاف بدعم مرحلة الإعداد يسهل الوصول إلى اتفاقية تتجاوب مع توقعات وتطلعات المواطنين، ويساهم في إرساء منظومة تشريعية إقليمية تتماشى مع المعايير الدولية في حماية المرأة من العنف.
وحضر الاجتماع سفراء العراق صفية السهيل والبريطاني ادوارد اوكدن والاتحاد الأوروبي اندريا فونتانا ونائب السفير السويسري تيرنس بليتر، وعدد من أعضاء مجلس النواب وممثلين عن منظمات المجتمع المدني.
وخرج المشاركون بالاجتماع بعدة توصيات أهمها: دعم الاتفاقية بشكل ايجابي من خلال اضافة الاطار الدولي التشريعي لمناهضة العنف ضد المرأة في ظل عدم وجود اتفاقية دولية ملزمة بهذا الشأن.
وأكدوا أهمية العمل على ملائمة التشريعات الوطنية مع بنود الاتفاقية مع التركيز على اللقاءات المنفردة التي تفسح خلالها المجال امام اشراك النواب و الاعيان ( البرلمانيين ) في عملية بلورة و تطوير التشريعات بهدف وضع اتفاقية عربية تقوم البرلمانيات على تبنيها.
وأشاروا إلى أن المادة السادسة من الدستور الأردني تنص على أن الأردنيين متساوون أمام القانون ولا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات، إلا أن المادة لم تنص صراحة على كلمة “الجنس” أو “الذكر والأنثى” من باب تحقيق العدالة بين الأردنيين ومن باب دسترة مبدأ المساواة بين الجنسين في التشريعات الأردنية.
وشدوا على ضرورة تعديل بعض مواد قانون العقوبات من أجل القضاء على الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات بما يضمن الحماية الكاملة للنساء والفتيات وإيقاع العقوبات الرادعة بحق مرتكبي هذه الجرائم وتلك المرتبطة بها ولا بد من الإشارة إلى المادة 308 في قانون العقوبات والتي تجيز للجاني الإفلات من العقوبة في الجرائم الجنسية إذا تزوج من الضحية.
وفيما يتعلق بقانون الجنسية الأردني، ذكرت التوصيات أنه لا تزال المرأة الأردنية لا تستطيع أن تمنح الجنسية لزوجها وأبناءها.
وأضافت رغم أن الأردن كان من أوائل الدول التي صدرت قانون منع الإتجار بالبشر وتبنت تعريفه في المنطقة، إلا أن التعريف الذي شمله القانون غير شامل، إضافة إلى أن القانون لا يجرم العمل الجبري ما لم يرتقي لمستوى الإتجار بالبشر وأغلب الضحايا هن العاملات في المنازل، فلا تشديد للعقوبات بين الفعل التام والشروع فيه وبين مرتكب الفعل والمحرض والشريك والمتدخل.
فلا بد من إضافة أحكاماً خاصة تتعلق بحماية ومساعدة وإعادة تأهيل الضحايا من الإتجار بالبشر ومنح المتاجر به/بها صفة الضحية وبالتالي تأخذ حقه/ ها في إعفائها من المسؤولية الجزائية وحقه/ها في الحصول على المشورة فيما يتعلق بحقوقه/ها وتوفير مكان آمن لإيواء الضحايا عبر إنشاء عدد أكبر من الدور للضحايا.
وأوضحت التوصيات أن قانون منع الجرائم، يمنح الحكام الإداريين (المحافظ أو المتصرف) صلاحيه التوقيف وإتخاذ بعض الإجراءات والتدابير التي تهدف إلى الحفاظ على الأمن العام، وهذا يعطي الحاكم الإداري القدرة على إيقاف النساء إدارياً في حالات معينة منها التهديد بالقتل بدريعة “الشرف” أو غيرها والذي يعد إجراء غير قانوني وذلك لعدم إحتواء القانون على ما ينص بصلاحية الحاكم الإداري فيما يتعلق بالإحتجاز التحفظي أو الوقائي للنساء المعرضة حياتهن للخطر.
وشددت على أهمية تطبيق المادة (72) من قانون العمل الأردني للحد من عزوف النساء عن سوق العمل ورفع نسبة مشاركتهن المتدنية والتي تصل الى ما نسبته 12%، إذ يعتبر عدم وجود مكان رعاية مناسب لأطفال العاملات المتزوجات، سبباً رئيسياً لإنسحاب النساء من سوق العمل، مشيرة إلى ضرورة تعديل مادة (70) من قانون العمل أصبح ضرورة ملحة من أجل حصول المرأة العاملة على إجازة امومة تصل إلى 90 يوماً اسوة بقانون الخدمة المدنية.
وقال المجتمعون إن مشروع قانون الأحوال الشخصية يبقي على حالات إستثنائية لزواج القاصرات في عمر 15 سنة ويمكن الإشارة هنا إلى المواد (10 و18)، وما زال القانون لا يأخذ بـإختبار الحمض النووي كدليل قاطع على البنوة اثباتاً أو نفياً وإنما ينسب إثبات الطفل إلى الإقرار والبينة والوسائل العلمية القطعية والتي اقترنت بفراش الزوجية (مادة 157).
وفيما يتعلق بموضوع التفريق القضائي، التفريق للافتداء، والذي تلجأ فيه المرأة إلى المطالبة بالتفريق إما عن طريق النزاع والشقاق وذلك للحفاظ على حقوقها بعد الإنفصال أو أن تلجأ للافتداء (الخلع) وبهذا لا تحصل على حقوقها أو أن لا تبدي سبباَ وتجري بطريق النزاع والشقاق عبر حكمين.
وبالرغم من أن المادة 126 من قانون الأحوال الشخصية قد نص على إنشاء صندوق تسليف النفقة وعلى الرغم من تحديد الحكومة الأردنية لمخصصات هذا الصندوق منذ عام 2016 الا أنه لم يتم تفعيله لغاية اللحظة .
وأشاروا إلى أن قانون التقاعد المدني لا يزال لا يعترف بكل المنافع والتأمينات المترتبة على العمل وعلى سنوات الخدمة خصوصاً للمرأة والفتاة فيقطع الراتب في حال زواج المرأة المعالة، ويوقف ما يستحق للموظفة التابعة للتقاعد والتي تتقاضى راتباً موروثاً إذا خصص لها راتب تقاعد عن خدمتها حيث تعطي فقط الراتب الأكثر، ولا تورث تقاعدها لأبناءها وزوجها إلا إذا ثبت إحتياج الورثة وثبت أيضاً أن الموظفة كانت مسؤولة مباشرة عن إعالتهم.
وقال المجتمعون إن التعريف الذي يتناوله قانون الحماية من العنف الأسري ما يزال محدود بنطاق العائلة وغير شامل ويشترط الإقامة في بيت أسري واحد، فلا بد من ضرورة توسيع مفهوم الأسرة المشمولة بأحكام القانون لضمان تقديم الحماية لكافة الأفراد التي تربطهم درجة قرابة ودون إشتراط الإقامة في البيت الأسري الواحد وذلك لتأمين الحماية للضحية التي تتعرض للعنف من الأقارب.
أما بالنسبة لآلية التبليغ المنصوص عليها في القانون فـإنها تحتاج إلى توضيح وذلك لأن النص القانوني الذي يلزم مقدمي الخدمات التبليغ عن حالة العنف الأسري لم يأخذ بعين الإعتبار رأي الضحية في تقديم بلاغ حول حالة العنف الأسري.
كما لم يوضح النص التبعات المترتبة على عدم التبليغ أو حماية المبلغ العامل في مجال حماية الأسرة في حال اقتنعت الضحية عن تقديم المعلومات اللازمة للتبليغ. ويعطي القانون صلاحيه أمر الحماية الإحترازي والذي من الممكن أن يكون تعسفي في بعض الاحيان.
ومن التوصيات أيضا شمول النساء من ذوي الاعاقة بمشروع الاتفاقية، والعمل على انشاء صندوق دعم الاسرة وضرورة متابعة تطبيق هذه الاتفاقية والعمل على تعديل بنودها بما يتوافق مع متغيرات العصر.